موسيقى الأندرجراوند

تحولت الفرق العربية للموسيقى من مسارها التقليدي في غناء الأغاني التراثية لتبدأ بالانضمام إلى مدارس التجديد في الموسيقى، وذلك بالانفتاح على الأدوات الموسيقية الجديدة، وفرق الموسيقى المستقلة العالمية، التي تعرض عروضها الموسيقية في الشوارع، ولا تحتاج لمسرح ضخم وجمهور كبير لكي تكون مشهورة، فمع ثورة الإنترنت، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، استغلت العديد من الفرق السابقة اليوتيوب منصة لها، بتكوين فرقة موسيقية كاملة من الشباب الموهوبين وُصفت فرق الأندرجراوند بالفرق التي لا تخاف الظلام، أو بفرق الفقراء التي لا تستسيغها الأضواء، لتخرج عن كل ما هو نمطي وتقليدي، وتكسر قيود طالما بنى فيها المجتمع، ليستغل الشباب منصة الغناء المستقل للتعبير عن آرائهم في المجتمعات العربية، وللخروج عن النظام، والتمرد على الحكم، وعلى العادات والتقاليد خلقت فرق الأندرجراوند فضاءً لها تحت الأرض، لتقدم للموسيقى العربية فنًا جديدًا يتسم بالواقعية، بدون قيود أو شروط أو رقابة، ليتمردوا على كل ما كان نمطيًا وسائدًا في الفن، وكل ما هو سائد ونمطي ومعتاد في الواقع كذلك لا ترعى الدول فناني موسيقى الأندرجراوند، فهم يشقون طريقهم بأنفسهم، فبدأ الأمر بعزفهم لآلاتهم الموسيقية على أرصفة مترو الأنفاق، وذلك في الستينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة، وانتقل الأمر إلى بريطانيا، بانتشار الفرق الموسيقية التي وصوفوها حينذاك بموسيقى تحت الأرض أو الأندرجراوند، ومن ثم بدأت الفكرة تسطع في العالم العربي، بظهور بعض الفرق القليلة في التسعينات من القرن الماضي في مصر، كان منها فرقة “وسط البلد” عام 1999

كان للربيع العربي تأثيرًا عظيمًا على الفنون في العالم العربي، فكان بمثابة ميلاد لفكرة الفرق الموسيقية، والتي سطعت للساحة بقوة منذ اندلاع ثورات الربيع العربي بداية من عام 2011، فبدأ فنانو الفرق المستقلة بالغناء في الميادين، والتغني بشعارات الثوار، والتمرد على الحكام، فكانوا ثورة فنية في حد ذاتها، يتخذون من الثوار والمتمردين جمهورًا لهم، كما يتخذون من شباب الشارع سندًا لهم وحافزًا يساعدهم على استكمال المسيرة تتميز كلمات أغاني موسيقى الأندرجراوند بالجرأة، وانتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية، وتعرض بسببها الكثير منهم لمضايقات أمنية في كثير من الدول، واعتراضات مجتمعية على محتوى الأغاني الجريء، إلا أنهم بدأوا المسيرة في تعزيز الفن البديل، أو الفن الموازي الذي يدافع عن كل من كان مهضوم حقهم في المجتمعات العربية، كالنساء، والأقليات الدينية، وكل ما هو غريب وجديد على كل تلك المجتمعات التي ترفض التغيير ولا تستسيغه بسهولة