الآلات الموسيقية العربية القديمة

عرف العرب أدوات الموسيقى كلها، واستخدموها منذ أقدم العصور. وقد زخرت بعض المراجع القديمة بوصف بعض هذه الآلات وطرق استخدامها. وتفاعلت الموسيقى العربية ـ كما ذكرنا آنفًا ـ مع موسيقى الشعوب المجاورة. وكان طبيعيًا أن تتغيّر ملامح بعض الآلات الموسيقية العربية القديمة، كما استعار جيرانهم بعض آلاتهم التي توارثوها.ومن أقدم ماجاء في ذكر آلات الموسيقى العربية ووصفها ما ورد في كتاب المغنيات في الأدب العربي، حيث يذكر الكاتب أنه بعد امتداد رقعة البلاد العربية في الشرق والغرب، وبعد أن صار العرب في نضارة من العيش، تفرق المغنون من الفرس والروم فوقعوا إلى الحجاز، فغنوا بالعيدان والطنابير والمعازف والمزامير.ويستمر الكاتب بعد ذلك ليذكر الآلات الموسيقية التي استخدموها، ومنها: الشبَّابة والزلامي، الذي يشرحه بقوله: إنه مزمار مصنوع من قطعتين منفردتين على شكل قصبة جوفاء منحوتة الجانبين مثقوبة الجوانب، ينفخ فيها بقصبة أخرى رفيعة توصل الصوت إلى جوفها فيخرج سريعًا.وقد وجدت نماذج كثيرة من آلات موسيقية عربية قديمة، وهي موجودة اليوم في كثير من المتاحف العربية والأوروبية والآسيوية والأمريكية. ومن أقدم الآلات العربية العود، وأقدم الأعواد العربية يُسمَّى المزهر، واستمر هذا الاسم القديم للعود لفترة طويلة ثم اتخذ اسمه الحالي.ومن الآلات الموسيقية القديمة الطنبور، وهي ثلاثة أنواع: الخراساني والبغدادي والتركي. ومن الآلات الموسيقية العربية القديمة أيضًا القيثارة والربابة والسنطور (الذي يشبه القانون الحالي)، والناي المعروف والناي المزدوج (الدُّوناي) والبوق. ومن الآلات التي تستخدم لضبط الإيقاع (وقد تستخدم مفردة) الطبل والدف (وهو الرق) والصنوج والجلاجل والكاسات (التي كثر استخدامها في الحروب).ولم تكن الآلات الموسيقية العربية موحدة كما هو الحال الآن ؛ حيث إن بعض الموسيقيين والمغنّين كانوا يصنعون آلاتهم بطريقة خاصة ويغيرون أماكن الأوتار ونستشف هذا مما أثبته أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني. فقد تحدث عن علي بن عبدالله بن سيف وقال عنه: ¸إنه موسيقي تخرَّج على يد إبراهيم الموصلي، وبرع في الغناء والتلحين، وفي الضرب على العود خاصة، وغنى للأمين العباسي، وعاش إلى زمن المتوكّل. وقد وصفه أبوالفرج بأنه كان مغنيًا حاذقًا ومؤدبًا محسنًا وصانعًا متفنّنًا وضاربًا متقدمًا، مع خفة روح وطيب مجالسة وملاحة نوادر، وغناؤه مثل نثل الطست يبقى ساعة في السمع بعد سكوته. وكان أعسر، وعوده مثلوب الأوتار، البَمُّ أسفل الأوتار، ثم المَثْلَث فوقه، ثم المَثْنى، ثم الزير